البحث المعمق في الموقع

مجريات الملتقى

  • 1
  • 2
  • 3

البيان الختامي و التوصيات

tawssiate

البيان الختامي و التوصيات 

الطبعة السادسة عشر


tawssiate button



الولي الصالح سيدي الحاج بن شرق

نبـــــذة عن حيــــــاة الولي الصالح سيدي الحاج بن شرقي

 

 اسمه، أصله و نسبه :

         هو محمد و لقبه بن شرقي بن سيدي قدور بن سيدي قويدر بن الحاج لحسن يرتبط نسبه بسيدي أحمد بن عبد الله الذي يقـع ضريحه شرقـي مدينـة الشلف و ينتهـي نسبه إلى الحسن بن علي بن فاطمـة الزهراء بنـت الرسول صلى الله عليه و سلم.

تاريخ ميلاده :

ولــد الشيخ بتاريخ تقديري 1239 هجرية الموافق لـ :1831 ميلادية ببلدية واد الروينة –زدين – ماتت أمه و هو صغير فتولى أبوه تربيته فحفظ القرآن الكريم على والده برواية ورش ثم حج أبـوه الحجة الثانية و مات بالبقاع المقدسة و عمره أنذاك 17 سنة .

تعليمه :

لما اتم حفظ القرآن الكريم جاء به أبوه من قرية زدين و وضعه في أحضان المربي الصالح العارف بالله الفقيه الشيخ سيدي محمد الفقيه بلعربي و هذا بعد وفاة امه و عزم أبيه على السفر لأداء فريضة الحج فلم يجد في القوم رجلا امينا على إبنه مثل الشيخ الأكبر الفقيه بلعربي فنهل منه العرفان و العلوم و قرأ عليه القرآن بالروايات 21 سلكة. و تاقت نفسه بعد ذلك الى العلم و المعرفة فتتلمذ على يد الشيخ سيدي الحاج جيلالي بن المكي من ابناء عمومته فحفظ متن الشيخ خليل في الفقه و السنوسية في العقائد ثم ساح من مسقط رأسه غربا فساقه القدر الى حيث ضريحه الأن على ضفاف نهر الشلف ببطحاء العطاف، فحل بالمكان الذي كان به الشيخ الذي يتصل نسبه هو الآخر بسيدي أحمد بن عبد الله المذكور سابقا ، فانضم إلى طلبته حيث كان الشيخ يحفظ القرآن على الروايات السبع فختم عليه عشريـن ختمة رغم أنه جاء حافظا من قبل .

كان خلالها يخدم شيخه و يقوم بحاجته داخل المنزل و خارجه ، و لصفاء سيرته و حسن سلوكه زوجه إحدى بناته و هي السيدة عودة التي ولدت له علماء أولهم سيدي الحاج محمد الشارف و السيد الحاج بلعربي .....، و لما دنا أجل الشيخ الفقيه بلعربي أوصى تلميذه الشيخ بن شرقي على عائلته و أولاده القصَـر آنذاك فكان نعم الوصي و الحافظ للوصاية و الرعاية إلى أن بلغوا الرشد و سعـى إلى تعليمهـم و تفقيههم ثم زوجهم و أفردهم بسكن وحدهم ، و بوصية من شيخه أصبح يشرف على طلبة القرآن الكريم منذ حياة شيخه الذي قدمه على سائر طلبته فكانت وصايته و تقديمه إنفتاحا على أفق آخر ، أفق الأسرار و الأنوار الربانية فذاع صيته في ربوع الأقطار لما كان يتحلى به من الورع و التقى و العفة و الزهد .

فعظمة الشيخ بن شرقي في الزهد و البذل للفقراء و المساكين كانت تملأ الزمان و المكان ، بما لا نظير له في زمنه فما يزيد طعامه و إطعام أهله إلا على ما وجد ما يسد الرمق ، و الملبوس الخشن رغم ما كانت الهدايا تفد عليه من كل ناحية بأنواع الملبوسات الحريرية و الأطعمة الشهية فيحرم نفسه و أهلـه و يقدمهـا للأرامل و اليتامى و ذوي العاهات خصوصا في سنين المسغبة .

لقد كان يصوم النهار و يقوم الليل و يفطر على خبز الشعير و يختم القرآن الكريم كله في نفله ليلا كل ليلة ، فلا مكان في حياة الترف عنده و لا مباهجها و لا مكان للقاعات المفروشة و لا للزرابي المبثوثة و لا للنمارق المصفوفة و لا للأكواب الموضوعة ، فكان عبدا ربانيا يقف عند الأثر : أزهد ما في أيدي الناس يحبك الناس . فلم يثبت مطلقا أنه كان يزور تلاميذه و اتباعه رغم محاولتهم ذلك .

كان شاذلي الطريقة ، أخذها عن أشياخه الذين عاصروه ، أمثال الشيخ سيدي عدة غلام الله ، و الشيخ الميسوم و الشيخ محمد بن أحمد و كفى بهم من رجال علم الظاهر و الباطن .

مواقفــــه :

لمـا جاءت حملة الراهب لفيجري عام 1872 لتمسيح الأهالي و تنصيرهم و شرع في بناء قرية : سان سيبريان - يخصها للأيتام المتنصرين و اسكنها عائلات منهم و منحهم أراض فلاحية ، شعر الشيخ بالخطـر الذي يحـدق بالإسلام و المسلمين ففتح الزاوية لإستقبال الفقراء و المساكين و المهاجرين بحثا عما يسد به جوعهم ، فعلم الجاهل و أدخله الجامع مع طلبته لحفظ القرآن الكريم ، و كان إذا جمع الطالب و ألمَ بشيئ من الفقه قال له : أسـرع إلى أهلك و إفتح محلا إجمع فيه أبناء قريتكم قبل أن يلحقهم التنصير .

و الفضل ما شهدت به الأعداء ، رسالة كتبها راهب هذه القرية إلى رئيسه -لويس 14- يشكوه الشيخ ليقول له إني بليت بشخص إسمه بن شرقي كل ما أبنيه بالنهار يهدمه بالليل . و الرسالة هذه وقف عليها المحافظ الوطني لجبهة التحرير بعين الدفلى (السيد قاسة عيسى ) لما مر على قرية الشيخ بن يحي (سانت مونيك) سابقا قال : كان من المفروض أن تسمى قرية الشيخ بن شرقي لأنه هو الذي حارب حملة التنصير.

و للشيـخ بن شرقي مواقف جليلة في نشر تعاليم الإسلام فما بناء مسجد العتيق بالعطاف إلا بأمر لما كان يتسوق سوقه يوم الأربعاء و تجمع حوله الجموع الغفيرة فيذاكرهم و يرشدهم فجمع له مرة مقدارا من المال فامتنع من قبوله و أعطاه لأحد الحاضرين و قال له : اشتروا به أمتارا من الأرض في هذا المكان و ابنوا فيه بيتا يصلون فيه المتسوقين و يبيتوا فيه أفضل من العراء ذلك لأن الإستعمار كان يقصد الأسواق و يغري المنكوبين و الفقراء و يجرهم إلى النصرانية . و هكذا طلـب من أتباعه و محبيه أن يسعوا إلى فتح بيت للصلاة و قراءة القرآن في كل من وادي الفضة و العبادية وواد روينة . وجـاء زائر له من تيسمسيلت (فيالار) آنذاك و قدم مقـدرا من الذهـب (لويز) ليستعيـن به فسأله الشيخ ما كان معه و قال له ابن بهذا مسجدا ورتب فيـه طلبة لتعليم القرآن و الدين ، فكان عند حسن الظن فباع جزءا من أملاكه العقارية  ورتب فيه طلبة و شيخا لتعليم القرآن و العلم وأسماه جامع سيدي بن شرقي و هو معروف إلى الآن بهذا الإسم .

 

 كراماتــه :

أما كرامات الشيخ فهي كثيرة و متواترة لا نريد التعرض لها لأن الشيخ رحمه الله كان يمنع التحدث بها و كلنا يعلم أن الرسول عليه الصلاة و السلام قال :" إن لله رجالا لو أقسموا على الله لأبرهم ".

لقد حاولت فرنسا أن تدفع الشيخ للوقوف إلى صفها بإغرائه ببناء صور يقي الزاوية من فيضانات نهر الشلف في فصل الشتاء و ربط الزاوية بالتيار الكهربائي الذي كان يمر بها فلم يقبل بذلك . وجاءه قسيس "سان سيبريان " يقول له إن فرنسا تطلب منك الأمر أن تساعدك فيما تحتاج إليه فقال الشيخ : أريد المساعدة في قول :"لا إله إلا الله محمد رسول الله " إشارة إلى وقوفه ضد ما يريدونه من طمس الوطن و مسح الإسلام منه و أنه واقف لهم بالمرصاد.

ومما جاء على لسان أحد مريديه مشيدا بنفحات الشيخ بن شرقي و عطاءاته قائلا :

 

      شيخنا هذا طبيـــــــب           ****     يبري من كان فيه العيب

      يسقــــــي للمحــــــب حليب    ****     نظرته تريــــــاق

      يا من تــــرد القــرب            ****     زور الشيـــــخ المربــــــي

      صاحب العلم الوهب             ****     و أستاذي بن شرقي

و كـان للشيخ رحمه الله و رضي عنه و أرضاه مريدوه من كل الجهات منهم علماء بارزون و فقهاء مشهورون أمثال الشيـخ سيد الحاج أحمـد الفقيه و أخيه السيد الحاج علـي و كذا الشيـخ البوعبيدي و الشيخ الحيـاوي و الشيـخ سي الحاج الجيلالي عتبة و الشيخ سي بلحاج ببلدية عريب و الشيخ سي بن أحمد ببلدية بوراشد و الشيخ البوعبدلي من بطيوة بالغرب ، و الشيخ النداتي من بلدية عين الدفلى ، هذا في المحيط القريب وكان له مريدون في أرجـاء واسعة من الوطـن في معسكر و شرشال و العاصمة..

 

آثـــــاره :

أمـا بالنسبـة لآثـاره فقد رفـض رضـي الله عنه أن يقـال عنه أو يكتـب عنه شيئ أيام حياته ، و كثيرا ما كان يقول :و الله لا أملك شيئا و ما أنا إلا واحد من عامة الناس ـ شأنـه في ذلك قول الصالحيـن القائلين : "و أمرت أن أكون من المسلمين و أن أتلو القرآن " و هذا هو دأبه رحمه الله و رضي عنه.

 

وفاتــــــه :

تــوفي رحمه الله و رضي عنه في أواخر شهر ديسمبر 1922 ميلادية عن عمر ناهز التسعين أفناه في خدمة الله و الوطن و عامة الناس خاصة ضعفاؤهم فخلف جيلا من الأتباع المريدين و المحبين و أبناء علماء مكنوا لهذا الدين في هذا البلد الأمين على مر السنين.

فرحمه الله و اسكــنه فسيح جناته آمين

على الخط

حاليا يتواجد 4 زوار  على الموقع

سبر الأراء

رأيكم في فكرة تنظيم ملتقى دولي للمذهب المالكي